الاستثمار طويل الأجل في العملات المشفرة: استراتيجيات وأفضل الممارسات
في عالم العملات المشفرة المعروف بتقلباته الشديدة والتغيرات السريعة، يبرز الاستثمار طويل الأجل كاستراتيجية تتيح للمستثمرين الاستفادة من إمكانات النمو الهائلة لهذه الأصول الرقمية مع تجنب الضغط النفسي والمخاطر المرتبطة بالتداول قصير الأجل. في هذا المقال، سنستكشف مفهوم الاستثمار طويل الأجل في العملات المشفرة، ونناقش استراتيجياته المختلفة، ونقدم إرشادات عملية للمستثمرين الراغبين في بناء محفظة استثمارية ناجحة على المدى الطويل.
ما هو الاستثمار طويل الأجل في العملات المشفرة؟
الاستثمار طويل الأجل في العملات المشفرة، المعروف أيضاً باسم "HODL" في مجتمع العملات المشفرة (مصطلح نشأ من خطأ إملائي لكلمة "hold" أو "احتفظ")، هو استراتيجية تتضمن شراء العملات المشفرة والاحتفاظ بها لفترات زمنية طويلة، عادة ما تكون سنوات، بغض النظر عن التقلبات قصيرة الأجل في السوق.
على عكس المضاربة أو التداول النشط، لا يهدف الاستثمار طويل الأجل إلى تحقيق أرباح سريعة من تقلبات السوق اليومية أو الأسبوعية. بدلاً من ذلك، يركز على القيمة الأساسية للمشاريع والتكنولوجيا الكامنة وراء العملات المشفرة، والإمكانات طويلة الأجل لهذه الأصول الرقمية.
الفرق بين الاستثمار طويل الأجل والتداول قصير الأجل
الاستثمار طويل الأجل:
- يركز على القيمة الأساسية والإمكانات المستقبلية
- أفق زمني يمتد لسنوات
- يتطلب بحثاً معمقاً وفهماً للتكنولوجيا والمشاريع
- أقل تأثراً بالتقلبات اليومية
- يتطلب صبراً وثباتاً عاطفياً
- عادة ما يكون أقل استهلاكاً للوقت بعد اتخاذ قرارات الاستثمار الأولية
التداول قصير الأجل:
- يركز على تقلبات الأسعار والاتجاهات قصيرة الأجل
- أفق زمني يتراوح من دقائق إلى أشهر
- يتطلب مهارات تحليل فني ومتابعة مستمرة للسوق
- يتأثر بشدة بالأخبار والتقلبات اليومية
- يمكن أن يكون مرهقاً نفسياً
- يتطلب وقتاً ومتابعة مستمرة
لماذا الاستثمار طويل الأجل في العملات المشفرة؟
هناك العديد من الأسباب التي تجعل الاستثمار طويل الأجل استراتيجية جذابة في سوق العملات المشفرة:
1. الاستفادة من إمكانات النمو الهائلة
العملات المشفرة والتكنولوجيا الكامنة وراءها (البلوكتشين) لا تزال في مراحلها الأولى من التطور والاعتماد. مع استمرار نضج هذه التكنولوجيا وزيادة اعتمادها عالمياً، هناك إمكانية كبيرة للنمو على المدى الطويل. المستثمرون الذين يتبنون نظرة طويلة الأجل يمكنهم الاستفادة من هذا النمو المحتمل.
2. تجنب الأخطاء العاطفية
التداول النشط في سوق متقلب مثل العملات المشفرة يمكن أن يؤدي إلى قرارات عاطفية مثل البيع في حالة الذعر أثناء انخفاضات السوق، أو الشراء بدافع الخوف من الفوات (FOMO) خلال فترات الارتفاع السريع. الاستثمار طويل الأجل يساعد على تجنب هذه الأخطاء من خلال التركيز على الصورة الأكبر بدلاً من التقلبات اليومية.
3. تقليل وقت ومجهود المتابعة
التداول النشط يتطلب متابعة مستمرة للسوق وتحليلاً متكرراً واتخاذ قرارات يومية. في المقابل، الاستثمار طويل الأجل يتطلب بحثاً مكثفاً في البداية، ثم متابعة دورية أقل كثافة، مما يوفر الوقت والجهد ويقلل من الضغط النفسي.
4. الاستفادة من قوة الفائدة المركبة
بعض العملات المشفرة توفر عوائد من خلال آليات مثل التحقق من صحة المعاملات (Staking) أو الإقراض في منصات التمويل اللامركزي (DeFi). الاستثمار طويل الأجل يتيح الاستفادة من قوة الفائدة المركبة على هذه العوائد، مما يمكن أن يعزز العائدات الإجمالية بشكل كبير مع مرور الوقت.
5. المعاملة الضريبية المواتية
في العديد من البلدان، تخضع الأرباح من الاستثمارات طويلة الأجل لمعدلات ضريبية أقل مقارنة بالأرباح قصيرة الأجل. هذا يمكن أن يؤدي إلى وفورات ضريبية كبيرة للمستثمرين على المدى الطويل.
تحذير: المخاطر الرئيسية للاستثمار طويل الأجل
رغم مزاياه العديدة، يحمل الاستثمار طويل الأجل في العملات المشفرة مخاطر يجب أن يكون المستثمرون على دراية بها:
مخاطر التقادم التكنولوجي: قد تصبح بعض العملات المشفرة متقادمة مع ظهور تقنيات جديدة أفضل.
المخاطر التنظيمية: التغييرات في اللوائح الحكومية يمكن أن تؤثر سلباً على قيمة العملات المشفرة.
مخاطر الأمان: سرقة العملات المشفرة من خلال الاختراقات أو الاحتيال تظل مخاطر حقيقية.
مخاطر السوق: قد تشهد العملات المشفرة فترات طويلة من الانخفاض (سوق هابطة) قبل استعادة قيمتها.
مخاطر فشل المشروع: العديد من مشاريع العملات المشفرة قد تفشل تماماً، مما يؤدي إلى خسارة كاملة للاستثمار.
استراتيجيات الاستثمار طويل الأجل في العملات المشفرة
هناك عدة استراتيجيات يمكن للمستثمرين اتباعها للاستثمار طويل الأجل في العملات المشفرة. إليك أبرزها:
1. استراتيجية الشراء والاحتفاظ (Buy and Hold)
هذه هي أبسط استراتيجيات الاستثمار طويل الأجل وأكثرها شيوعاً. تتضمن شراء العملات المشفرة التي تعتقد أنها تمتلك إمكانات نمو قوية على المدى الطويل والاحتفاظ بها لسنوات، بغض النظر عن تقلبات السوق قصيرة الأجل.
كيفية التنفيذ:
- قم بإجراء بحث معمق حول المشاريع التي تهتم بها، مع التركيز على الفريق، والتكنولوجيا، وحالات الاستخدام، والمنافسة.
- اشترِ العملات المشفرة التي تؤمن بإمكاناتها طويلة الأجل.
- احتفظ بها في محفظة آمنة (يفضل محفظة باردة غير متصلة بالإنترنت للمبالغ الكبيرة).
- تابع تطورات المشروع دورياً، ولكن تجنب الانجراف وراء ضوضاء السوق اليومية.
- حدد مسبقاً متى ستفكر في البيع (مثلاً، بعد 5-10 سنوات، أو عند تحقيق أهداف مالية محددة).
2. استراتيجية متوسط تكلفة الدولار (Dollar-Cost Averaging - DCA)
بدلاً من استثمار مبلغ كبير دفعة واحدة، تتضمن هذه الاستراتيجية استثمار مبالغ صغيرة بشكل منتظم (أسبوعياً أو شهرياً) بغض النظر عن سعر السوق. هذا يقلل من تأثير تقلبات السوق ويخفف من مخاطر توقيت السوق.
كيفية التنفيذ:
- حدد مبلغاً ثابتاً يمكنك استثماره بانتظام (مثلاً، 100 دولار أسبوعياً أو 500 دولار شهرياً).
- اختر العملات المشفرة التي تريد الاستثمار فيها على المدى الطويل.
- قم بشراء هذه العملات بالمبلغ المحدد في فترات منتظمة، بغض النظر عن السعر الحالي.
- استمر في هذه العملية لفترة طويلة (سنوات).
- يمكن أتمتة هذه العملية من خلال خدمات الشراء المجدولة التي توفرها بعض منصات التداول.
3. استراتيجية المحفظة المتوازنة (Balanced Portfolio)
تتضمن هذه الاستراتيجية بناء محفظة متنوعة من العملات المشفرة مع توزيع الاستثمارات بناءً على مستويات المخاطر والإمكانات المختلفة. الهدف هو تحقيق توازن بين الأمان والنمو المحتمل.
كيفية التنفيذ:
- قسّم محفظتك إلى فئات مختلفة من المخاطر:
• الأصول الأساسية منخفضة المخاطر (مثل البيتكوين والإيثيريوم): 50-70% من المحفظة
• العملات المشفرة متوسطة المخاطر (مشاريع راسخة مع حالات استخدام واضحة): 20-30%
• العملات المشفرة عالية المخاطر/عالية العائد (مشاريع واعدة ولكنها أحدث): 10-20%
- أعد توازن محفظتك دورياً (كل 6-12 شهراً) للحفاظ على النسب المستهدفة.
- راجع وعدّل تخصيص الأصول بناءً على تغيرات السوق والتطورات التكنولوجية.
4. استراتيجية الاستثمار في المؤشرات (Index Investing)
تشبه استثمار المؤشرات في الأسواق التقليدية، تتضمن هذه الاستراتيجية الاستثمار في سلة متنوعة من العملات المشفرة الرائدة لتتبع أداء السوق الإجمالي بدلاً من اختيار عملات فردية.
كيفية التنفيذ:
- استثمر في صناديق المؤشرات المتداولة للعملات المشفرة (Crypto ETFs) إذا كانت متاحة في بلدك.
- استخدم منصات مثل Index Coop أو Bitwise التي توفر منتجات مؤشرات للعملات المشفرة.
- أو قم بإنشاء مؤشر خاص بك من خلال شراء أفضل 10-20 عملة مشفرة بناءً على القيمة السوقية، مع تخصيص الأموال بالتناسب مع حجمها.
- أعد توازن محفظتك دورياً لتعكس التغييرات في تكوين السوق.
نموذج محفظة متوازنة للاستثمار طويل الأجل
إليك مثالاً على كيفية تخصيص محفظة استثمارية متوازنة للعملات المشفرة على المدى الطويل:
الأصول الأساسية (60%):
- بيتكوين (BTC): 40% - العملة المشفرة الرائدة والأكثر اعتماداً
- إيثيريوم (ETH): 20% - منصة العقود الذكية الرائدة
العملات المشفرة متوسطة المخاطر (30%):
- منصات بلوكتشين بديلة (مثل Solana، Cardano، Polkadot): 10%
- عملات مستقرة للإقراض في منصات DeFi (مثل USDC، DAI): 10%
- مشاريع DeFi راسخة (مثل Uniswap، Aave): 5%
- مشاريع البنية التحتية للبلوكتشين (مثل Chainlink، The Graph): 5%
العملات المشفرة عالية المخاطر/عالية العائد (10%):
- مشاريع Web3 والميتافيرس الواعدة: 5%
- مشاريع ناشئة مبتكرة: 5%
هذا مجرد مثال، ويجب تعديل التخصيص بناءً على أهدافك الاستثمارية ومستوى تحملك للمخاطر وآفاقك الزمنية.
5. استراتيجية التحقق من صحة المعاملات (Staking)
تتضمن هذه الاستراتيجية الاستثمار في العملات المشفرة التي تدعم آلية إثبات الحصة (Proof of Stake) والمشاركة في عملية التحقق من المعاملات للحصول على عوائد إضافية على استثماراتك.
كيفية التنفيذ:
- اختر عملات مشفرة ذات إمكانات نمو جيدة وتقدم عوائد تحقق جذابة (مثل Ethereum، Cardano، Solana، Polkadot).
- قم بتحقيق (staking) عملاتك المشفرة من خلال محفظة تدعم هذه الخاصية أو من خلال منصة تداول توفر خدمات التحقق.
- أعد استثمار العوائد المكتسبة لتعظيم فوائد الفائدة المركبة.
- تابع أداء الشبكات والتغييرات في معدلات العائد.
خطوات بناء محفظة استثمارية طويلة الأجل للعملات المشفرة
إذا كنت مهتماً ببناء محفظة استثمارية طويلة الأجل للعملات المشفرة، إليك خطوات عملية للبدء:
1. تحديد أهدافك الاستثمارية
قبل أن تستثمر أي أموال، من المهم تحديد أهدافك الاستثمارية بوضوح:
- ما هو هدفك المالي النهائي من الاستثمار في العملات المشفرة؟
- ما هو الإطار الزمني لاستثمارك (5 سنوات، 10 سنوات، أكثر)؟
- ما هو مستوى تحملك للمخاطر؟
- ما هي نسبة محفظتك الاستثمارية الإجمالية التي ستخصصها للعملات المشفرة؟
2. تثقيف نفسك
الاستثمار الناجح يبدأ بالمعرفة. خصص وقتاً لتثقيف نفسك حول:
- أساسيات تكنولوجيا البلوكتشين والعملات المشفرة
- كيفية عمل العملات المشفرة المختلفة وحالات استخدامها
- أساسيات تحليل المشاريع وتقييمها
- أمن العملات المشفرة وأفضل ممارسات التخزين
- الجوانب الضريبية والقانونية للاستثمار في العملات المشفرة في بلدك
3. إجراء البحث والتحليل
قبل الاستثمار في أي عملة مشفرة، قم بإجراء بحث معمق حول المشروع. ابحث عن:
- فريق التطوير وخبراتهم
- التكنولوجيا الأساسية وميزاتها الفريدة
- حالات الاستخدام الواقعية والمشكلات التي يحلها المشروع
- خارطة الطريق المستقبلية والتقدم المحرز حتى الآن
- المنافسين والميزة التنافسية للمشروع
- اقتصاديات الرمز (tokenomics) وتوزيع العملة
- مستوى اعتماد المشروع والشراكات
4. إنشاء خطة استثمارية
بناءً على أهدافك وبحثك، قم بإنشاء خطة استثمارية تتضمن:
- الاستراتيجية التي ستتبعها (مثل الشراء والاحتفاظ، متوسط تكلفة الدولار، إلخ)
- تخصيص الأصول (كيفية توزيع استثماراتك بين العملات المشفرة المختلفة)
- جدول الاستثمار (متى وكم ستستثمر)
- معايير إعادة التوازن (متى وكيف ستعيد توازن محفظتك)
- استراتيجية الخروج (متى وكيف ستبيع)
5. إعداد البنية التحتية الآمنة
قبل الاستثمار، تأكد من إعداد بنية تحتية آمنة لشراء وتخزين عملاتك المشفرة:
- اختر منصات تداول موثوقة ومرخصة
- قم بإعداد محافظ آمنة (يفضل محفظة باردة لتخزين المبالغ الكبيرة)
- قم بتنفيذ إجراءات أمان قوية (المصادقة الثنائية، كلمات مرور قوية، إلخ)
- احتفظ بنسخة احتياطية آمنة من مفاتيح محفظتك الخاصة
- فكر في حلول الميراث الرقمي (كيفية نقل أصولك في حالة حدوث شيء لك)
6. البدء بالاستثمار تدريجياً
بدلاً من استثمار كل أموالك دفعة واحدة، ابدأ تدريجياً:
- ابدأ باستثمار مبلغ صغير للتعرف على العملية
- استخدم استراتيجية متوسط تكلفة الدولار للدخول إلى السوق بشكل تدريجي
- ابدأ بالعملات المشفرة الأكثر استقراراً (مثل البيتكوين والإيثيريوم) قبل الانتقال إلى العملات الأكثر مخاطرة
- تعلم من تجاربك المبكرة وعدّل استراتيجيتك وفقاً لذلك
7. المتابعة والتعديل
الاستثمار طويل الأجل لا يعني "اشترِ وانسَ". من المهم:
- متابعة أداء استثماراتك دورياً (ولكن ليس بشكل هوسي)
- البقاء على اطلاع بتطورات المشاريع التي تستثمر فيها
- إعادة توازن محفظتك عند الحاجة (عادة كل 6-12 شهراً)
- تعديل استراتيجيتك استجابة للتغيرات الكبيرة في السوق أو في ظروفك الشخصية
- الاستمرار في تثقيف نفسك حول التطورات الجديدة في مجال العملات المشفرة
الأخطاء الشائعة التي يجب تجنبها
تجنب هذه الأخطاء الشائعة التي يرتكبها المستثمرون على المدى الطويل:
الاستثمار بمبالغ لا يمكنك تحمل خسارتها: لا تستثمر أبداً أموالاً تحتاجها لنفقاتك الأساسية أو حالات الطوارئ.
عدم التنويع الكافي: لا تضع كل بيضك في سلة واحدة، حتى لو كنت متحمساً جداً لمشروع معين.
الانجراف وراء ضجيج وسائل التواصل الاجتماعي: لا تتخذ قرارات استثمارية بناءً على "نصائح" من مؤثرين أو مجموعات على وسائل التواصل الاجتماعي.
التحقق المستمر من الأسعار: مراقبة الأسعار بشكل مستمر يمكن أن تؤدي إلى قرارات عاطفية سيئة. حدد أوقاتاً محددة لمراجعة محفظتك.
تجاهل الأمان: لا تهمل أمن أصولك الرقمية. استخدم دائماً أفضل ممارسات الأمان.
عدم وجود استراتيجية خروج: حدد مسبقاً متى وكيف ستبيع جزءاً من استثماراتك لجني الأرباح.
دراسات حالة: قصص نجاح الاستثمار طويل الأجل
لفهم قوة الاستثمار طويل الأجل في العملات المشفرة، دعنا نلقي نظرة على بعض دراسات الحالة الافتراضية المستوحاة من تجارب حقيقية:
دراسة حالة 1: مستثمر البيتكوين المبكر
أحمد، مهندس برمجيات، استثمر 1000 دولار في البيتكوين في عام 2013 عندما كان سعره حوالي 100 دولار. بدلاً من بيع عملاته عندما ارتفع السعر إلى 1000 دولار في وقت لاحق من ذلك العام، قرر الاحتفاظ بها على المدى الطويل، مؤمناً بإمكانات التكنولوجيا.
خلال السنوات التالية، شهد أحمد العديد من دورات السوق الصاعدة والهابطة. في عام 2017، وصل سعر البيتكوين إلى 20,000 دولار قبل أن ينخفض إلى أقل من 4,000 دولار في عام 2018. رغم الإغراء بالبيع خلال فترات الارتفاع والخوف خلال فترات الانخفاض، التزم أحمد باستراتيجيته طويلة الأجل.
بحلول عام 2025، مع وصول سعر البيتكوين إلى مستويات أعلى بكثير، أصبح استثمار أحمد الأولي البالغ 1000 دولار يستحق مئات الآلاف من الدولارات. قرر أحمد بيع 20% من محفظته لتحقيق بعض الأرباح، بينما يحتفظ بالباقي للمستقبل.
الدروس المستفادة:
- الصبر والالتزام بالرؤية طويلة الأجل يمكن أن يؤديا إلى عوائد استثنائية.
- تحمل التقلبات قصيرة الأجل هو جزء أساسي من استراتيجية الاستثمار طويل الأجل.
- جني جزء من الأرباح في نقاط معينة يمكن أن يكون استراتيجية حكيمة.
دراسة حالة 2: مستثمرة متوسط تكلفة الدولار
سارة، محاسبة، بدأت الاستثمار في العملات المشفرة في عام 2019. بدلاً من محاولة توقيت السوق، اختارت استراتيجية متوسط تكلفة الدولار، حيث استثمرت 200 دولار شهرياً في محفظة متوازنة تتكون من 60% بيتكوين، 30% إيثيريوم، و10% عملات بديلة مختارة بعناية.
خلال فترة استثمارها، شهدت سارة أسعاراً متفاوتة للغاية. في بعض الأشهر، كانت تشتري بأسعار مرتفعة، وفي أشهر أخرى، كانت تشتري بأسعار منخفضة. لكن مع مرور الوقت، أدت استراتيجيتها إلى متوسط تكلفة جيد.
بحلول عام 2025، بعد ست سنوات من الاستثمار المنتظم (إجمالي استثمار 14,400 دولار)، نمت محفظة سارة بشكل كبير. الأهم من ذلك، تمكنت من تحقيق هذه النتائج دون القلق المستمر بشأن توقيت السوق، وبمستوى منخفض من الضغط النفسي مقارنة بالمتداولين النشطين.
الدروس المستفادة:
- استراتيجية متوسط تكلفة الدولار تقلل من مخاطر توقيت السوق وتخفف من الضغط النفسي.
- الاستثمار المنتظم يبني الانضباط ويستفيد من تقلبات السوق.
- التنويع المدروس يمكن أن يحسن العائد المعدل حسب المخاطر.
دراسة حالة 3: مستثمر التحقق من صحة المعاملات (Staking)
محمد، متقاعد، كان يبحث عن طرق لتوليد دخل سلبي من استثماراته. في عام 2021، استثمر جزءاً من مدخراته في عملات مشفرة تدعم آلية التحقق من صحة المعاملات (Staking)، مثل Ethereum و Cardano و Polkadot.
بدلاً من مجرد الاحتفاظ بهذه العملات، قام محمد بتحقيقها (staking) للحصول على عوائد سنوية تتراوح بين 5% و12%. اختار إعادة استثمار هذه العوائد تلقائياً، مستفيداً من قوة الفائدة المركبة.
على الرغم من تقلبات أسعار العملات المشفرة، استمر محمد في الحصول على عوائد التحقق بغض النظر عن اتجاه السوق. بحلول عام 2025، لم تنمو قيمة عملاته المشفرة الأصلية فحسب، بل زاد أيضاً عدد العملات التي يمتلكها بشكل كبير بفضل عوائد التحقق المتراكمة.
الدروس المستفادة:
- التحقق من صحة المعاملات (Staking) يمكن أن يوفر دخلاً سلبياً حتى في أسواق متقلبة.
- إعادة استثمار العوائد يمكن أن يعزز النمو طويل الأجل بشكل كبير.
- الجمع بين استراتيجيات متعددة (الشراء والاحتفاظ + التحقق) يمكن أن يحسن العوائد الإجمالية.
نصائح للنجاح في الاستثمار طويل الأجل
إليك بعض النصائح العملية للنجاح في الاستثمار طويل الأجل في العملات المشفرة:
استثمر فقط ما يمكنك تحمل خسارته: هذه قاعدة ذهبية في عالم العملات المشفرة. لا تستثمر أبداً أموالاً تحتاجها لنفقاتك الأساسية.
ابدأ صغيراً وتعلم من التجربة: ابدأ بمبالغ صغيرة حتى تفهم كيفية عمل السوق وتطور ثقتك.
ركز على المشاريع ذات القيمة الحقيقية: ابحث عن المشاريع التي تحل مشكلات حقيقية ولديها فرق قوية وتكنولوجيا متميزة.
تجاهل الضوضاء وركز على الأساسيات: لا تنجرف وراء الضجيج والإثارة قصيرة الأجل. ركز على الصورة الأكبر.
كن مستعداً للتقلبات الشديدة: العملات المشفرة متقلبة بطبيعتها. كن مستعداً نفسياً لانخفاضات بنسبة 50% أو أكثر.
احتفظ بسجلات دقيقة: تتبع جميع معاملاتك لأغراض ضريبية ولتحليل أداء استثماراتك.
لا تضع كل بيضك في سلة واحدة: نوع استثماراتك بين العملات المشفرة المختلفة وفئات الأصول الأخرى.
خطط للمستقبل: فكر في كيفية حماية أصولك الرقمية وتوريثها في حالة حدوث شيء لك.
الخلاصة
الاستثمار طويل الأجل في العملات المشفرة يمكن أن يكون استراتيجية فعالة للاستفادة من إمكانات النمو الهائلة لهذه الأصول الرقمية الناشئة. من خلال اتباع نهج منظم ومدروس، والتركيز على المشاريع ذات القيمة الحقيقية، وتجنب الانجراف وراء العواطف وضوضاء السوق قصيرة الأجل، يمكن للمستثمرين بناء محافظ قوية قادرة على تحمل تقلبات السوق وتحقيق عوائد محتملة كبيرة على المدى الطويل.
تذكر أن الاستثمار في العملات المشفرة ينطوي على مخاطر كبيرة، ولا يوجد ضمان للنجاح. من المهم إجراء البحث الخاص بك، واستثمار فقط ما يمكنك تحمل خسارته، والتفكير في استشارة مستشار مالي مؤهل قبل اتخاذ قرارات استثمارية كبيرة.
في النهاية، قد يكون الصبر هو الأصل الأكثر قيمة للمستثمر طويل الأجل في العملات المشفرة. كما قال وارن بافيت، أحد أنجح المستثمرين على المدى الطويل في التاريخ: "سوق الأسهم هو أداة لنقل الأموال من غير الصبورين إلى الصبورين". هذا المبدأ ينطبق بشكل خاص على سوق العملات المشفرة المتقلب، حيث يمكن أن يكون الصبر والرؤية طويلة الأجل هما الفرق بين النجاح والفشل.
ليست هناك تعليقات: